السبت، 19 يوليو 2014

ريادة الأعمال في المملكة العربية السعودية : بين الواقع والمأمول .



  
قبل أن أُعطي وصفا بانوراميا على واقع ريادة الأعمال في المملكة العربية السعودية والعوائق التي تواجهها والحلول التي نحتاجها . لا بد أن نلقي نظرة سريعة على أبرز المراحل التي مرت بها المملكة وتأثر بها قطاع ريادة الأعمال سواء بطريقة مباشرة عن طريق : بعض الشركات التي أُسست في ذلك الوقت

أو بطريقة غير مباشرة  من خلال : استلهام بعض الشباب لقصص الرجال العصاميين في تلك المراحل وهي:



1- قبل اكتشاف النفط : كانت هناك الرحلات التجارية لبعض البلدان  ومن أبرزها : رحلات  أسر العقيلات  حيث كانت ترحل تلك الأسر إلى بعض البلدان كالهند ، العراق ، سوريا في ذلك الوقت من أجل التجارة وأسهمت تلك الرحلات  التجارية في صناعة أسماء ريادية في التجارة على مستوى المملكة والعالم العربي ولاتزال تلك الأسماء تمارس الدور الريادي الاقتصادي في المملكة.



2- عهد الطفرة الاقتصادية في عهد الملك خالد  بن عبدالعزيز:

في تلك الفترة دعمت الحكومة المشاريع الفردية، مما أسهم في زيادة أعداد التجار الأفراد نظرا للدعم الحكومي ، كما اتسمت هذه المرحلة بالتوسع في العمران ومجالات الإسكان من خلال إنشاء صندوق التنمية العقاري.





3- الفترة الحالية التي نعيشها الآن:


وهي التي شهدت نموا ملحوظا وخاصة في السنوات الخمس الأخيرة وذلك بسبب التطور النوعي الملحوظ في القطاع ودعمه من الحكومة حيث أنشئت الجامعات في كافة مناطق المملكة وهي بدورها تضم العديد من كليات إدارات الأعمال ، وأنشئت بعض المؤسسات الداعمة للرواد في المشاريع الصغيرة و المتوسطة مثل : معهد ريادة الوطني و برنامج واعد التابع لشركة أرامكو ، بالإضافة إلى بعض المؤسسات الداعمة في مجالي الابتكار والمخترعين مثل : مؤسسة موهبة ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالرياض ، إلى جانب ابتعاث العديد من الطلبة السعوديين لدراسة إدارة الأعمال في مختلف دول العالم، وغير ذلك من الأمور التي أسهمت في ذلك النمو.



بالرغم من ذلك التطور في نوعية ريادة الأعمال في المملكة ؛ إلا أنه يواجه العديد من العوائق التي قد تمنع من اللّحاق بركب الريادة كما هي في العالم الأول وقد تمنع شباب المملكة  من الريادة والمنافسة العالمية  ومن أبرزها:


 1- عدم وجود مناهج تعليمية تُعنى بالريادةِ في مدارس التعليم العام:



إنّ عدم وجود مناهج تعليمية في مدارس التعليم العام تُعنى بالريادة بشكل عام كالريادة الاجتماعية والريادة الفكرية وغيرها ؛ لها أثر كبير في تعثّرِ بعض الشباب في مشاريعهم الريادية فالريادة منهجية وخطط ولايكفي أن يتعلمها الشاب عندما يبلغ العشرين أو الثلاثين من عمره ؛ بل يجب أن يتعلمها في الصغر كي يواجه التحديات المستقبلية في حياته.







2-عدم انتشار ثقافةِ العصاميّة:




إن المتأمل في مجتمعنا السعودي يجد عدم انتشار ثقافة العصامية ؛ إذ معظم الشباب يحبّ أن يعمل في وظيفة حكومية تؤمّنُ له مستقبله وقوت يومه ويخاف معظمهم من خوض غمار العمل الفرديّ الحرّ وريادة الأعمال تتطلبُ العصامية والبدء من الصفر في المشاريع الجديدة المبتكرة . إن معظم المشاريع الريادية الابتكارية العالمية ابتدأت وانطلقت تحت إطار مفهوم العصامية الذي يخشاه بعض الشباب من رواد الأعمال.





3- اتجاه الريادة في اتجاهٍ واحد:







مع بروز شبكات التواصل الاجتماعي / تويتر ، فيسبوك ، يوتيوب ..إلخ وظهور تطبيقات الأجهزة المحمولة الذكية .اتّجه قطاع ريادة الأعمال بقوة في اتجاه واحد ألا وهو القطاع الرقمي وهذا الأمر له أثره ، إذ أن معظم اللقاءات والندوات أصبحت حول الريادة في القطاع الرقمي وأغفلت بقية القطاعات كالريادة في المجال :الابتكاري و العلمي و المؤسسات التجارية الصغيرة للأفراد.





4- مركزيّة المؤسسات الريادية بالمملكة:





معظم المؤسسات المعنيّة بريادة الأعمال بالمملكة تكاد تكون محصورة في مدن ثلاث : الرياض ، جدة ، الدمام.

إن عدم توزيع المؤسسات المعنيّة بقطاع ريادة الأعمال لتشمل بقية مناطق المملكة له أثر على الشباب الذين يعيشون خارج المدن الثلاث الذين يرغبون في الحصول على التثقيف والتمويل لمشاريعهم التجارية الريادية الصغيرة ؛ وعلى الرغم من افتتاح عدد من كليات إدارات الأعمال في الجامعات الناشئة الجديدة خارج المدن الثلاث إلا أن خبرتها وإمكانياتها ليست بذات الجودة التي تتميز بها كليات إدارات الأعمال  في الجامعات الثلاث : الملك سعود بالرياض وفي جامعة الملك عبدالعزيز بجدة وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران القريبة من الدمام.







5- بيروقراطية العمل الحكومي اتجاه الرياديين: 



يواجه رواد الأعمال بيروقراطية الأداء العمل الحكومي وعدم مرونته في التعامل معهم أحيانا يحتاج رائد الأعمال أولا الحصول  على موافقة جهات معينة أخرى للحصول على تمويل مشروعه وهذه البيروقراطية المقيتة أثرت على تعطيل الكثير من المشروعات الصغيرة لدى الشباب.







6- عدم القدرة على عولمةِ المشاريع الرياديّة:



معظم المشاريع الريادية بالمملكة لا تستطيع أن توسّع من انتشارها وتكون مشاريع رائدة عالمية تخدم العالم بأكمله كالمشاريع الريادية في العالم الأول . من الضروري عولمة المشاريع الريادية للإسهام في انتقال الدولة من الاقتصاد الريعي المُعتمدِ  على النفط والذي سينضب يوما ما ، إلى الاقتصاد المعرفي الذي تسعى الدولة للوصول إليه.





7- الاضطرابات المستمرة في الشرق الأوسط:



إن الاضطرابات السياسية المستمرة في الشرق الأوسط لها تأثير غير مباشر في عدم جذب بعض المؤسسات الخارجية التمويلية للمشاريع التي تدعم الشباب في مشاريعهم الصغيرة ؛ بسبب أن بعضا من تلك المؤسسات لاتضمن الاستقرار الدائم للشرق الأوسط والبيئة الآمنة للأعمال ، وهذا يؤثر على قطاع ريادة الأعمال وقد يقلل من فرص عولمة المشاريع الريادية وانتقالها للخارج.



تلكم بعض العوائق التي تواجه روّاد الأعمال في المملكة وأقترح بعض الحلول التي قد تسهم في إزالتها:

1- نشر وتكثيف برامج التوعية بأهمية ريادة الأعمال وإيضاح الدور الفاعل الذي يؤديه هذا القطاع في الانتقال والتحول للمجتمع المعرفي.

2- توزيع وزيادة حاضنات الأعمال وتطويرها لتشمل كافة مناطق المملكة.

3- السعي الدؤوب لتوعية الشباب بضرورةِ عولمةِ مشاريعهم الريادية.   





4- استقطاب بعض المؤسسات العالمية التمويلية للمشاريع وتسهيل إجراءات عملها داخل المملكة.





5- العمل على تطوير كليات إدارات الأعمال بالجامعات الناشئة في مناطق المملكة وأن توسع من دورها لتكون عونا للشباب من خلال تقديم الاستشارت لهم.





6- العمل على نمذجةِ بعض المشاريع التطويرية الناجحة في الاقتصاديات المعرفية الناشئة : كماليزيا وكوريا  الخاصة بريادة الأعمال.





7- إجراء المسابقات والمنافسات التلفيزيونية الجماهيرية المعنية بريادة الأعمال كي تسهم في رفع الوعي الجماهيري بأهمية ريادة الأعمال.





8-العمل على أن يكون الأداء الحكومي البيروقراطي أكثر مرونة في تقبل الأفكار الجديدة للشباب.  





9- إدراج منهج يُعنى بريادة الأعمال في مدارس التعليم العام حتى يعي الصغار أهمية ذلك القطاع الهام في ارتفاع الدخل للفرد بشكل خاص وارتفاع دخل الدولة بشكل عام.











تلك بعض الحلول التي نحتاج إلى تفعيلها في أرض الواقع كي نجتاز تلك العوائق في قطاع ريادة الأعمال و لكي تسهم في انتقال المملكة من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المعرفي المستدام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق