((الغذّامي عندما قرأته بعقل الثمانية عشر عاما ))
الغذامي ...اسم كبير في عالم الثقافة العربية المعاصرة ..كان اسمه يمر عليّ عندما أقلّب صفحات جريدة الرياض ..وكنت لا ألقي أي اهتمام لمقالاته ..وكانت زاوية الأستاذ عبدالله الناصر ((بالفصيح)) تجذبني لقراءتها كل جمعة ..ذات مرّة ذكر الأستاذ عبدالله في إحدى مقالاته جملة :"وبالرغم من اختلافي مع الغذّامي "هذه الجملة علقت في ذهني ..وبعد فترة وجيزة تابعت عدّة حلقات لبرنامج إضاءات وكان عدد من رموز الثقافة في بلادي الذين كانوا ضيوفا في برنامج إضاءات لهم اختلاف مع الغذّامي كالدكتور حسن الهويمل والدكتور سعد البازعي وغيرهم ..فتولّد في عقلي علامة استفهام كبيرة لماذا تلك الأسماء الكبيرة تختلف مع الغذّامي ..فقرّرت أن أقرأ كتبه بدءا بكتابه الذي أثار جدلا واسعا "الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية " وتبعته بكتاب "القبيلة و القبائلية أو هويّات ما بعد الحداثة " ومن ثم كتابه " الثقافة التلفيزيونية سقوط النخبة و بروز الشعبي " بعد قراءتي لكتبه تلك .. أعجبت كثيرا به .. إذ يمتلك قدرة فائقة على الوصف التحليلي للمتغيرات والأحداث من رؤية نقدية عميقة ..إذ يقول الناقد البحريني الأستاذ محمد البنكي - رحمه الله- صاحب كتاب -دريدا عربيا- :-"" لم يحظ أحد بالتربّع نوف سنام نظريات النقد مثل ما حظي الغذامي..الذي قاد طلائع النقد لمدة تزيد عن ربع قرن , وما تزحزح عن الصّدارة قطّ, لأنه وُهب مقدرة خارقة على التحول الدائم و التطور المستمر , مما حقق له صفة أهم ناقد عربي , ولعلّ أذكى خطوة أسداها الغذّامي لنفسه هو أنه جعل ذاته إشارة حرّة فجعلها دالا عائما لا يحد بمدلول , وإذا جاءت كتاباته إبداعية نصّيا مثل ماهي أعماله النقدية و النظرية التي شملت مسائل الفكر و النقد الثقافي وقضايا القبيلة والمجتمع .."". لقد تعلمت من الغذّامي أن أكون مستقلّا برأيي وأن أكون داعية سلام ومحبّة وأن أقول بحرّية التعبير للمخالف وأن أعرض آرائي ولا أفرضها . تعلّمت منه بأنه لا بد من تجديد "واع" في مجالات الحياة المختلفة , تعلمت من الغذّامي بأن أي جمال قد يغلّف بنوع من القبح الذي لا نراه و أن الفطن الواعي هو الذي يكتشف ذلك القبح . تعلّمت منه بأن النخبة قد سقطت ..وأن المبدع هو الذي يكتشف طريقا جديدا يساعد غيره على العبور.. هكذا قرأت الغذّامي بعقل الثمانية عشر عاما ولا زلت أقرأه وأتعلّم منه الكثير و الكثير .
ومضة :
يقول الشاعر الإنجليزي إدوارد ينج :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق